دلالات لقاء وزير الطاقة السوري مع ممثلي الجالية السورية في إسطنبول

في لحظة لافتة من حيث الشكل والدلالة، لبّى وفد من منبر منظمات المجتمع المدني (ULFED) دعوة رسمية لحضور اللقاء الأول من نوعه الذي جمع معالي وزير الطاقة السوري، المهندس محمد البشير، بعدد من ممثلي الجالية السورية في تركيا، وذلك على هامش مشاركته في قمة إسطنبول للموارد الطبيعية.

جاء هذا اللقاء في ظل انفتاح سياسي واقتصادي متصاعد بين دمشق وأنقرة، تُترجمه زيارات رسمية متبادلة، واتفاقيات قيد التفاوض تشمل مشاريع ربط الكهرباء وخطوط الغاز، وتسهيل التجارة والنقل، وفتح أبواب الاستثمار بين الجانبين.

الجالية السورية في تركيا: من حضور اجتماعي إلى دور وطني

لطالما كانت الجالية السورية في تركيا ركيزة حيوية من ركائز الشتات السوري. فهي جالية عريقة، عميقة الجذور، راكمت خبرات نوعية في مجالات ريادة الأعمال، والشراكات مع القطاع الخاص التركي، والعمل المدني والمجتمعي. وتُعد اليوم من أكثر الجاليات السورية حضورًا وتأثيرًا خارج البلاد.

ومن هذا المنطلق، فإن لقاء رسمي يجمع مسؤولًا حكوميًا رفيعًا بممثلي الجالية السورية في إسطنبول لا يُمكن اعتباره مجرّد لفتة رمزية، بل هو خطوة استراتيجية تستجيب لمطلب طال انتظاره: الاعتراف بالجاليات السورية كشريك فاعل في مشروع إعادة الإعمار والتنمية.

قطاع الطاقة: فرصة وطنية للمساهمة من الخارج

استعرض معالي الوزير محمد البشير خلال اللقاء صورة دقيقة للواقع الصعب الذي يواجهه قطاع الطاقة في سوريا، من بنى تحتية مدمرة وعقوبات اقتصادية ونقص في الموارد، مؤكدًا أن الحكومة تعمل على تهيئة بيئة تشريعية وتنظيمية جاذبة للاستثمار.

ودعا الوزير أبناء الجالية السورية ورجال الأعمال السوريين في الخارج، إلى المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني عبر الاستثمار في مشاريع الطاقة، لا سيما في ظل ما تتيحه المرحلة القادمة من مشاريع حيوية في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة والغاز، وإعادة تأهيل محطات الإنتاج والنقل.

من الصوت المدني إلى المساحة المؤثرة

جاءت مشاركة منبر منظمات المجتمع المدني (ULFED) في هذا اللقاء انطلاقًا من قناعته الراسخة بأن الجالية السورية ليست امتدادًا اجتماعيًا فقط، بل قوة مدنية واقتصادية يجب تفعيلها، خاصة في المراحل الانتقالية التي تمرّ بها الدول الخارجة من النزاعات.

لقد حرص وفد المنبر على الحضور لا بصفته تمثيلًا رمزيًا، بل كمؤسسة تؤمن أن اللقاء مع الجاليات يجب أن يصبح تقليدًا مؤسسيًا في كل زيارة رسمية، وأن صوت الخارج السوري لا يقل أهمية عن الداخل حين يكون الهدف هو بناء سوريا الجديدة.

نحو مأسسة العلاقة بين الداخل والخارج

ما ميّز هذا اللقاء لم يكن فقط في حضوره الوزاري، بل في كونه فتح الباب أمام تصور جديد للعلاقة بين الدولة السورية ومواطنيها في الخارج. فبعد سنوات من التشتّت والغياب، حان الوقت لتتحوّل الجاليات من حالة طارئة إلى شريك في القرار والمبادرة والبناء.

إذا كان قطاع الطاقة هو البوابة، فإن الجالية السورية في تركيا هي الامتداد الطبيعي لأي مشروع وطني جاد. ومن هذا المنطلق، يؤكد المنبر أن التواصل مع الجاليات يجب أن يتحول إلى منصات دائمة للحوار والعمل المشترك، نحو وطنٍ يتسع لكلّ مَن يؤمن بإعادة بنائه.

إننا في منبر منظمات المجتمع المدني نثمّن هذه الخطوة، وندعو إلى مقاربة جديدة تُخرج الجاليات من خانة الحضور الرمزي إلى خانة الشراكة الفعلية، شراكة في الرؤية، في القرار، وفي إعادة تعريف معنى الوطن.

شارك المحتوى مع أصدقائك..

Scroll to Top