سوريا الجديدة: الأمن، الدبلوماسية والمقاربات الاستراتيجية

في مشهد يعكس الأهمية المتزايدة للملف السوري في المعادلات الإقليمية والدولية، احتضنت مدينة إسطنبول ندوة فكرية رفيعة المستوى بعنوان سوريا الجديدة: الأمن، الدبلوماسية والمقاربات الاستراتيجية، نظّمها منبر منظمات المجتمع المدني (ULFED) في 13 فبراير 2025. هدفت الندوة إلى استكشاف التحولات الجيوسياسية التي تؤثر على مستقبل سوريا، وتحليل العلاقات السورية-التركية، وتسليط الضوء على الدور المحوري للمجتمع المدني في إعادة الإعمار.

شارك في الندوة نخبة من الخبراء والباحثين البارزين، من بينهم الباحثة زاهدة توبا كور، ومدير الدراسات التركية في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية السيد عمر أوزكيزيلجيك، والنائب السابق في البرلمان التركي السيد محمد ألغان، والمدير العام لمنبر منظمات المجتمع المدني ULFED السيد محمد أكتع، وأدارت الجلسة الصحفية السيدة خير النساء جيجيك.

المحاور الرئيسة للنقاش:

  1. انعكاسات التحولات الإقليمية على سوريا

افتتحت الباحثة زاهدة توبا كور الجلسة بتحليل معمّق لديناميكيات القوة في الشرق الأوسط، موضحة كيف تؤثر التغيرات السياسية والعسكرية الإقليمية على المشهد السوري. وأكدت أن أي استقرار في سوريا لا يمكن فصله عن التوازنات الإقليمية والدولية، مشيرة إلى أن أنقرة تنظر إلى الملف السوري من زاوية الأمن القومي والمصالح الاستراتيجية بعيدة المدى.

  1. الأمن الداخلي والخارجي ومستقبل الجماعات المسلحة

تطرق عمر أوزكيزيلجيك، مدير الدراسات التركية في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، إلى التحديات الأمنية التي تواجه سوريا في مرحلة ما بعد الحرب، مشددًا على ضرورة إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية لضمان استقرار مستدام. وأشار إلى الإشكالية المعقدة المتعلقة بالجماعات المسلحة، متسائلًا عن إمكانية دمجها ضمن بنية دفاعية وطنية أو تفكيكها ضمن عملية سياسية شاملة.

  1. الدور الاستراتيجي لتركيا

استعرض النائب السابق محمد ألغان التوجهات المستقبلية للسياسة التركية تجاه سوريا، مسلطًا الضوء على الاستراتيجية التركية في تحقيق الاستقرار الإقليمي، سواء من خلال دعم المناطق الآمنة، أو عبر الانخراط في مشاريع إعادة الإعمار. وأكد أن أي حل مستدام في سوريا يجب أن يأخذ في الاعتبار المصالح الأمنية والسياسية لتركيا، إضافةً إلى مصالح الشعب السوري.

  1. المجتمع المدني وإعادة الإعمار

تحدث محمد أكتع، المدير العام لـ ULFED، عن دور منظمات المجتمع المدني في دعم جهود إعادة الإعمار، خاصةً في المناطق التي شهدت استقرارًا نسبيًا مثل درع الفرات. وأكد أن هذه المنظمات تلعب دورًا حيويًا في تقديم المساعدات الإنسانية، وتعزيز البنية التحتية، وتحقيق التنمية المستدامة بما يتيح عودة كريمة وآمنة للاجئين.

التوصيات والمخرجات النهائية:

اختُتمت الندوة بجلسة نقاش مفتوحة، أُتيحت خلالها الفرصة للحضور لطرح أسئلتهم وتبادل وجهات النظر حول مستقبل سوريا. خلص المشاركون إلى عدة توصيات، أبرزها:

  1. تعزيز الجهود الدبلوماسية للوصول إلى تسوية سياسية عادلة ومستدامة تضمن وحدة سوريا واستقرارها.
  2. دعم المشاريع التنموية والمبادرات المجتمعية لضمان بيئة مناسبة لعودة اللاجئين بشكل طوعي وآمن.
  3. إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية بما يضمن استقرارًا طويل الأمد ويحول دون نشوب صراعات جديدة.
  4. تكثيف التعاون السوري-التركي في مجالات الاقتصاد، الأمن، وإعادة الإعمار بما يحقق مصالح مشتركة لكلا البلدين.
  5. تمكين المجتمع المدني ليكون شريكًا فاعلًا في بناء سوريا الجديدة، من خلال توسيع نطاق المبادرات المجتمعية والتنموية.

عكست هذه الندوة الأهمية المتزايدة للملف السوري، وشكّلت خطوة نحو تعميق الفهم لمتطلبات المرحلة المقبلة، وتعزيز الجهود الهادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة.

شارك المحتوى مع أصدقائك..

Scroll to Top