منبر منظمات المجتمع المدني (ULFED) هو اتحاد غير ربحي مستقل، وكيان قانوني مسجل لدى “المديرية العامة لإدارة العلاقات مع المجتمع المدني” التركية. يضم المنبر مؤسسات المجتمع المدني ذات الأصل السوري والمنشأ التركي، ويعمل على تعزيز انسجام مؤسسات المجتمع المدني السورية ضمن المحيط التركي من خلال تعزيز عملية التواصل، ودعم بناء القدرات، وتطوير البيئة القانونية.
في الأشهر الأخيرة، تلقى المنبر أكثر من 2000 حالة عالج جزءاً كبيراً منها. إضافة إلى تبنيه لـ 24 قضية مجتمعية تتعلق بالمشاكل التي يعاني منها السوريون في تركيا، كما أجرى مئات اللقاءات والاجتماعات، وعقد عشرات ورش العمل مع صناع القرار والمجتمع المدني التركي، إلى جانب التعاون مع مؤسسات سورية وعربية ودولية.
وفي الأيام الماضية شهد السوريون في تركيا فترة عصيبة، بعد تفجر أعمال عنف خطيرة ضد اللاجئين السوريين بدأت في مدينة قيصري وانتقلت منها إلى مدن تركية أخرى، وعلى خلفية الأحداث قام المنبر بزيارة ميدانية عاجلة إلى المناطق المتضررة للقاء العائلات السورية وإجراء تقييم لحجم الخسائر برفقة الخبراء.
نتج عن الأزمة ممارسات تخريبية طالت ممتلكات السوريين بعد رشق منازلهم بالحجارة، وتخريب محلاتهم وضرب وإحراق سياراتهم، ما كلفهم خسائر مادية كبيرة لم تحصى بعد، ووصلت الانتهاكات حد استباحة الأرواح البشرية التي انتهت بحادث مأساوي تجلى بخسارة الطفل السوري حمود حمدان النايف، وإصابة ثمانية آخرين بعد الهجوم عليهم في مدينة أنطاليا.
يتقدم المنبر بأحر التعازي لأهل الضحية ويتمنى الشفاء العاجل لجميع المصابين، ودوام الأمن والسلامة لجميع الناجين.
ورفضاً لما شهده السوريون في تركيا ومناصرة لهم، قام الأهالي في الشمال السوري بالتعبير عن غضبهم لما يتعرض له إخوانهم في تركيا، فانجر البعض إلى إحداث الفوضى والقيام بأعمال عنف رداً على الانتهاكات الحالية بحق السوريين.
يتفهم المنبر ما يحصل في الشمال، ولكن يؤكد على ضرورة الانضباط والتحكم بالنفس، فالرد على العنصرية لا يكون بممارسة العنصرية، والاعتراض على حالات الشغب لا يتم بإثارة الشغب، وذلك بالدرجة الأولى تجنباً لإلحاق الأذى والضرر بالسوريين وممتلكاتهم ومصالحهم، والتزاماً بقيم مجتمعنا وأخلاقيات ثورتنا السورية.
يؤكد المنبر على أن وصول الأزمة إلى هذا المنحى الحرج لم يكن وليد اللحظة، أو نتيجة لحدث فردي وإنما كان نتاجاً تراكمياً لمشاكل سياسات الهجرة وتسييس ملف اللجوء السوري وتأجيج خطاب الكراهية ضد السوريين، التي لطالما أشار المنبر إليها، وحذر من تبعاتها في لقاءاته مع صناع القرار في إطار جهود المناصرة.
تنذر الأحداث الأخيرة بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة والعمل بالطاقة القصوى لإنهاء هذا الكابوس المرعب الذي يعيشه السوريون في تركيا، لذلك يؤكد المنبر على ضرورة تحقيق سيادة القانون، وحل مشاكل البيروقراطية وتخفيف الضغوط التي يواجهها السوريون، ومكافحة خطاب الكراهية، وتعزيز الاندماج، وأهمية توعية المجتمع المضيف.
وتفادياً لوقوع المزيد من الضحايا وتكبد المزيد من الخسائر، يلتمس المنبر في هذه المرحلة الحساسة من أهلنا السوريين في تركيا:
- الالتزام بالسلم الأهلي.
- تقليل التواجد في الشوارع والأماكن العامة قدر الإمكان، حفاظاً على أمنهم وسلامتهم.
- تجنب الوقوع في المهاترات والنقاشات المستفزة التي قد تجر إلى تفاقم الأزمة.
- الرد على أي اعتداء عنصري أو تجاوز بحقهم من خلال القانون.
- عدم المساهمة في نشر الهلع من خلال المشاركة في نشر الإشاعات والأخبار دون التحقق من مصادرها سواءً في الواقع أو على منصات التواصل الاجتماعي.
- وأخيراً ومن منطلق المسؤولية الاجتماعية يوصي المنبر جميع السوريين الذين تصلهم علاقات مع المجتمع التركي، توضيح أن ما حدث في الشمال السوري ما هو إلا ردة فعل على انتهاكات وتجاوزات متكررة بحق السوريين أدت إلى تفجير حالة الاحتجاج.
ولأهلنا المقيمين في الشمال السوري نؤكد على حقكم في الاحتجاج السلمي وحريتكم في التعبير عن الرأي، لكن مع مراعاة الحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة والامتناع عن الإضرار بالبنية التحتية، كما يوصي المنبر بالابتعاد عن الاستفزاز أو المساس بالرموز الوطنية التركية اللذان قد يؤثران سلباً على السوريين المقيمين في تركيا ويعرضانهم للخطر.
ومن السوريين حول العالم يرجو المنبر الابتعاد عن تضخيم المشاكل دون قراءة الواقع بشكل كامل وموضوعي، وعدم المساهمة في تعميق الفجوة بين المهاجرين السوريين في تركيا والمجتمع التركي، تحاشياً لخلق الخوف وانعدام الأمان في نفوس السوريين.
وكمنبر منظمات مجتمع مدني، نحن نعمل بكل قوتنا لتحقيق العدالة والسلام الاجتماعي، ونؤكد على وقوفنا جنباً إلى جنب مع جميع العائلات السورية المظلومة، ونتعهد بالسعي لحمايتهم وتقديم الدعم القانوني لجميع حتى الوصول إلى كامل حقوقهم وتعويض خسائرهم ورفع الظلم عنهم، استكمالاً لجهودنا في مناصرة أهلنا في تركيا.
واستجابة لهذه الأزمة نعد بالسعي لمحاسبة الجناة، وتسخير كامل إمكانياتنا المتاحة لملاحقة المعتدين من خلال العمل على عدة مستويات، بدءاً من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من ثبت تورطه في التعدي على أهلنا، وانتهاء بالتواصل مع الجهات المعنية وصناع القرار لتوضيح الأسباب التي دفعت الناس للاحتجاج في الشمال السوري.
وسيستمر المنبر في عمليات التواصل إلى حين الوصول مع الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات تتصدى لأي انتهاك وقع أو قد يقع ضد السوريين، و سيستخدم المنبر جميع الحقوق القانونية لممارسة الضغط ضمن إطار القوانين التركية في حال عدم تصحيح الأخطاء في السياسات الحالية، واتخاذ إجراءات صارمة تؤمن الحماية الكاملة للاجئين السوريين وممتلكاتهم، وتحفظ حقهم باللجوء الآمن الذي تنص عليه العهود والمواثيق الدولية بكل وضوح.
إن عودة اللاجئين السوريين هي في الأساس مطلب للسوريين أنفسهم لكن العودة الطوعية ترتبط بضمان العودة آمنة، التي تبدأ بإنهاء الأسباب التي دفعتهم للجوء والهرب من القتل والتشريد والترهيب، وتبقى هذه الأسباب قائمة بقيام نظام بشار الأسد، لذلك يؤكد المنبر على ضرورة تحقيق العدالة والأمان من خلال تفعيل العمل بقرار مجلس الأمن 2254.
وحتى القيام بذلك يطالب المنبر بالحفاظ على ملف اللجوء السوري ضمن إطاره الإنساني وإقصائه عن الصراعات السياسية الداخلية التركية.
ختاماً يؤكد المنبر أن جميع ما يحدث لا ينفي علاقة التآخي التاريخي التي تربط المجتمعين السوري والتركي، مع الإشارة إلى أن الظلم والتعدي على الأبرياء احتجاجاً على أخطاء اقترفها مذنبون آخرون هو أمر مرفوض من جميع الأطراف.